الأربعاء، 6 مايو 2020

إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد AMR


إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد
مسجد عمرو بن العاص بمصر
عمرو وصحبه عند النجاشي
قال ابن إسحاق : وحدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي عن حبيب بن أبي أوس الثقفي قال حدثني عمرو بن العاص من فيه قال لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش ، كانوا يرون رأيي ، ويسمعون مني ، فقلت لهم تعلمون والله أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علوا منكرا ، وإني قد رأيت أمرا ، فما ترون فيه ؟ قالوا : وماذا رأيت ؟ قال رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي ، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا ، فلن يأتينا منهم إلا خير قالوا : إن هذا الرأي . قلت: فاجمعوا لنا ما نهديه له وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم.
فجمعنا له أدما كثيرا، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه. فوالله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه . قال فدخل عليه ثم خرج من عنده . قال فقلت لأصحابي : هذا عمرو بن أمية الضمري ، لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد . قال فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع فقال مرحبا بصديقي ، أهديت إلي من بلادك شيئا ؟ قال قلت : نعم أيها الملك قد أهديت إليك أدما كثيرا ; قال ثم قربته إليه فأعجبه واشتهاه ثم قلت له أيها الملك إني قد رأيت رجلا خرج من عندك ، وهو رسول رجل عدو لنا ، فأعطنيه لأقتله فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا ، قال فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه ثم قلت له أيها الملك والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه قال أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله قال قلت : أيها الملك أكذاك هو ؟ قال ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فإنه والله لعلى الحق وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده .
قال قلت: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال نعم فبسط يده فبايعته: على الإسلام ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه وكتمت أصحابي إسلامي
اجتماع عمرو مع خالد في الطريق
ثم خرجت عامدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسلم فلقيت خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة، فقلت: أين يا أبا سليمان؟ قال والله لقد استقام الميسم وإن الرجل لنبي، أذهب والله فأسلم فحتى متى ; قال قلت: والله ما جئت إلا لأسلم.
قال فقدمنا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ثم دنوت، فقلت: يا رسول الله إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو، بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها ; قال فبايعته، ثم انصرفت .
قال ابن هشام: ويقال فإن الإسلام يحت ما كان قبله وإن الهجرة تحت ما كان قبلها.
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم أن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، كان معهما، حين أسلما.
شعر ابن الزبعرى في إسلام ابن طلحة وخالد
قال ابن إسحاق: فقال ابن الزبعرى السهمي:

وملقى نعال القوم عند المقبل
وما عقد الآباء من كل حلفه

وما خالد من مثلها بمحلل
أمفتاح بيت غير بيتك تبتغي

وما يبتغى من مجد بيت مؤثل
فلا تأمنن خالدا بعد هذه

وعثمان جاء بالدهيم المعضل
وكان فتح بني قريظة في ذي القعدة وصدر ذي الحجة وولي تلك الحجة المشركون.


إسلام عمرو بن العاصي وخالد بن الوليد رحمة الله عليهما
روينا من طريق أبي بكر الخطيب بإسناد يرفعه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يقدم عليكم الليلة رجل حكيم فقدم عمرو بن العاص مهاجرا، ذكر فيه اجتماعه مع خالد في الطريق وقول خالد له والله لقد استقام الميسم.
من رواه الميسم بالياء فهي العلامة أي قد تبين الأمر واستقامت الدلالة ومن رواه المنسم بفتح الميم وبالنون فمعناه استقام الطريق ووجبت الهجرة والمنسم مقدم خف البعير وكني به عن الطريق للتوجه به فيه.
وذكر الزبير خبر عمرو هذا، وزاد فيه أن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة صحبهما في تلك الطريق فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم قال عمرو: وكنت أسن منهما، فأردت أن أكيدهما، فقدمتهما قبلي للبيعة فبايعا، واشترطا أن يغفر من ذنبهما ما تقدم فأضمرت في نفسي أن نبايع على أن يغفر الله من ذنبي ما تقدم وما تأخر فلما بايعت ذكرت ما تقدم من ذنبي وأنسيت أن أقول وما تأخر.
ما قاله الضمري للنجاشي
وذكر فيه قدوم عمرو بن أمية الضمري على النجاشي بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان في الكتاب ما تكلم به عمرو بن أمية فإنه لما قدم عليه قال له يا أصحمة إن علي القول وعليك الاستماع إنك كأنك في الرقة علينا منا ، وكأنا بالثقة بك منك لأنا لم نظنن بك خيرا قط إلا نلناه ولم نخفك على شيء إلا أمناه وقد أخذنا الحجة عليك من فيك ألا يحيل بيننا وبينك شاهد لا يرد ، وقاض لا يجور وفي ذلك وقع الحز وإصابة المفصل وإلا فأنت في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى ابن مريم ، وقد فرق النبي عليه السلام رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له وأمنك على ما خافهم عليه لخير سالف وأجر ينتظر
فقال النجاشي: أشهد بالله أنه النبي الأمي الذي ينتظره أهل الكتاب وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل وإن العيان له ليس بأشفى من الخبر عنه ولكن أعواني من الحبش قليل فأنظرني حتى أكثر الأعوان وألين القلوب وسنذكر فيما بعد - إن شاء الله - ما قالته أرسال النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك وما ردت عليها.
الرسل إلى الملوك
فإن دحية كان رسوله إلى قيصر، وخارجة بن حذافة كان رسوله إلى كسرى، وشجاع بن وهب إلى جبلة بن الأيهم الغساني وسليط بن عمرو إلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة، والعلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي [ملك البحرين] والمهاجر بن أبي أمية إلى الحارث بن عبد كلال، وعمرو بن العاصي إلى الجلندى صاحب عمان، وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب مصر، وعمرو بن أمية إلى النجاشي كما تقدم ولكل واحد منهم كلام قاله وشعر نظمه سنذكره بعد إن شاء الله .
السمهرية
فصل
وما وقع في أشعار السيرة من ذكر السمهرية من الرماح فمنسوبة إلى سمهر وكان صنعا فيما زعموا يصنع الرماح وكانت امرأته ردينة تبيعها، فقيل للرماح الردينية لذلك وأما الماسخي من القسي فمنسوبة إلى ماسخة واسمه نبيشة بن الحارث أحد بني نصر بن الأزد، وقال الجعدي:

كما عطف الماسخي القيانا
وقد تنسب القسي أيضا إلى زارة وهي امرأة ماسخة. قال صخر الغي

راء هتوف عدادها غرد
من كتاب النبات للدينوري واليزنية منسوبة إلى عبيد الطعان وهو المعروف بيزنن بن هماذي، والماذية منسوبة إلى ما ذي بن يافث بن نوح قاله الطبري، وزعم أنه أول من عمل السيوف جم وهو رابع ملوك الأرض
فاتح مصر
عمرو بن العاص
إنه الصحابي الجليل عمرو بن العاص بن وائل السهمي -رضي الله عنه- أحد فرسان قريش وأبطالها، أذكى رجال العرب، وأشدهم دهاءً وحيلة، أسلم قبل فتح مكة، وكان سبب إسلامه أنه كان كثير التردد على الحبشة، وكان صديقًا لملكها النجاشي، فقال له النجاشي ذات مرة: يا عمرو، كيف يعزب عنك أمر ابن عمك؟ فوالله إنه لرسول الله حقًا. قال عمرو: أنت تقول ذلك؟ قال: أي والله، فأطعني. [ابن هشام وأحمد]. فخرج عمرو من الحبشة قاصدًا المدينة، وكان ذلك في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة، فقابله في الطريق خالد بن الوليد
وعثمان بن طلحة، وكانا في طريقهما إلى النبي (فساروا جميعًا إلى المدينة، وأسلموا بين يدي رسول الله (، وبايعوه.
أرسل إليه الرسول (يومًا فقال له: (خذ عليك ثيابك، وسلاحك، ثم ائتني)، فجاءه، فقال له رسول الله (: (أني أريد أن أبعثك على جيش، فيسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك رغبة صالحة من المال). فقال: يا رسول الله، ما أسلمتُ من أجل المال، ولكنى أسلمتُ رغبة في الإسلام، ولأن أكون مع رسول الله (. فقال (:
(
نعم المال الصالح للرجل الصالح) [أحمد].
وكان عمرو بن العاص مجاهدًا شجاعًا يحب الله ورسوله، ويعمل على رفع لواء الإسلام ونشره في مشارق الأرض ومغاربها، وكان رسول الله (يعرف لعمرو شجاعته وقدرته الحربية، فكان يوليه قيادة بعض الجيوش والسرايا، وكان يحبه ويقربه، ويقول عنه: (عمرو بن العاص من صالحي قريش، نعم أهل البيت أبو عبد الله، وأم عبد الله، وعبد الله) [أحمد]. وقال (: (ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام) [أحمد والحاكم].
وقد وجه رسول الله (سرية إلى ذات السلاسل في جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة، وجعل أميرها عمرو بن العاص رضي الله عنه، وقد جعل النبي (عمرو بن العاص واليًا على عُمان، فظل أميرًا عليها حتى توفي النبي (. وقد شارك عمرو بن العاص في حروب الردة وأبلى فيها بلاءً حسنًا.
وفي عهد الفاروق عمر -رضي الله عنه- تولى عمرو بن العاص إمارة فلسطين، وكان عمر يحبه ويعرف له قدره وذكاءه، فكان يقول عنه: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرًا. [ابن عساكر]، وكان عمر إذا رأى رجلاً قليل العقل أو بطيء الفهم يقول: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد.
وكان عمرو يتمنى أن يفتح الله على يديه مصر، فظل يحدث عمر بن الخطاب عنها، حتى أقنعه، فأمَّره الفاروق قائدًا على جيش المسلمين لفتح مصر وتحريرها من أيدي الروم، فسار عمرو بالجيش واستطاع بعد كفاح طويل أن يفتحها، ويحرر أهلها من ظلم الرومان وطغيانهم، ويدعوهم إلى دين الله عز وجل، فيدخل المصريون في دين الله أفواجًا.
وأصبح عمرو بن العاص واليًا على مصر بعد فتحها، فأنشأ مدينة الفسطاط، وبنى المسجد الجامع الذي يعرف حتى الآن باسم جامع عمرو، وكان شعب مصر يحبه حبًا شديدًا، وينعم في ظله بالعدل والحرية ورغد العيش، وكان عمرو يحب المصريين ويعرف لهم قدرهم، وظل عمرو بن العاص واليًا على مصر حتى عزله عنها عثمان ابن عفان -رضي الله عنه-، ثم توفي عثمان، وجاءت الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما-، فوقف عمرو بن العاص بجانب معاوية، حتى صارت الخلافة إليه.
فعاد عمرو إلى مصر مرة ثانية، وظل أميرًا عليها حتى حضرته الوفاة، ومرض مرض الموت، فدخل عليه ابنه عبد الله -رضي الله عنه-، فوجده يبكي، فقال له: يا أبتاه! أما بشرك رسول الله (بكذا؟ أما بشرك رسول الله (بكذا؟ فأقبل بوجهه فقال: أني كنت على أطباق ثلاث (أحوال ثلاث)، لقد رأيتني وما أحد أشد بغضًا لرسول الله (مني، ولا أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.