الحيتان
Whales1
الحيتان |
الحيتان هي رتبة
الحيتان Cetacean في
صف الثدييات Mammals،
وتضم كل الحيتان. والحوت الأزرق، هو أكبر الحيوانات الثديية
ذوات الدم الحار، تعيش في البحار والمحيطات وتلد فيها، وتعد الحيتان من أكبر
المخلوقات على الأرض. الحيتان الحالية تنقسم عموما إلى صنفين رئيسيين الحيتان
المسننة (ذات الاسنان) Odontocete والحيتان البلّينية Masticate.
حال الحيتان كحال باقي الثدييات
تتنفس عن طريق الرئة (ليس عن طريق الخياشيم كما في الاسماك). والحيتان من ذوات
الدمّ الحار (الاسماك هي من ذوات الدمّ البارد)، تلد الحيتان صغارها حية تحت الماء
وتقوم الحيتان بإرضاع صغارها بالحليب عن طريق جلدها الخارجي المغطى بشكل قليل جدا
بالشعر. الانف تحوّر عند الحيتان إلى فتحة مفردة فوق رأسها. وجسم الحيتان يستهلك
الاوكسجين بكفاءة جيدة لكي تتمكن من الغطس لمدد طويلة. عندما تخرج الحيتان رأسها
فوق سطح الماء تقوم باستخراج الهواء المستهلك عن طريق بخّه إلى الاعلى من فتحة
الانف العلوية وتكون عادة مصحوبة برذاذ بخار الماء لعلو عدة أمتار. وهناك علماء
يستطيعون تمييز انواع الحيتان من شكل البخّة لان لكل نوع بخّته الخاصة.
نبذة
عن تطور الحیتان
مصطلحات توضيحية: Masticate: الحيتان
البلّينية baleen whales Odontoceti:
الحيتان السنّية (لها الاسنان) toothed
whales Archaeoceti: الحيتان
البدائية القديمة جدا
في سنة 1859 كان
لداروين توضيحات (بشكل نظري) كيف قد نشأت الحيتان (Cetacea) الحالية. حسب
داروين فانّ الحيتان والدلافين اصلهم يرجع إلى ثديات اليابسة, تلك الثديات التي
كانت تحصل على معظم غذائها في الوسط المائي لذلك تكيّفت تلك الثديات مع الوسط
الجديد, وكان العالم لامارك Lamarck يعتقد عكس ذلك, اذ انه كان يعتقد بان ثدييات
اليابسة أن اصلها يرجع إلى ثديات الماء.
وضرب داروين مثالا على
ذلك وهو الدبّ الاسود, كان زميل له رآه في قارة أمريكا الشمالية, ذلك الشخص رأى
الدب الاسود يسبح في بركة ماء بشكل متواصل لساعات عديدة دون توقف من اجل اصطياد
الحشرات. اذا استمر هذا الدبّ (او اي من حيوان ثدي آخر) ولاجيال عديدة جدا يبحث
معظم وقته عن الغذاء في الماء فانه سيتكيف ويتصرف مثل الحيوانات المائية وبشكل
تدريجي. وتبدأ اجسامهم بالتكيّف (التغيّر) من اجل سباحة وغطس أفضل, وبعد مدة طويلة
(ملایین السنین) وبشكل تدريجي ينشأ حيوان على شاكلة الحيتان او كلاب البحر.
المشكلة الوحيدة آنذاك
التي جلبت الكثير من الضجة من حولها كانت هي عدم وجود احافير Fossils كأدلة على حدوث
ذلك. وفي ذلك الزمن كان هناك احفور واحد مكتشف للحيتان ولكنه كان لحيتان مائية
بالكامل وتسمى بالباسيلوساورس Basilosaurus. وهذا الاحفور لحوت قديم جدا طوله كان 15
مترا وجسم شبيه بالثعابين.
وهذا الاحفور كان ضحية
لعملية احتيال إذ استعمل البرت كوخ Albert
Koch عظام خمس حيتان
مختلفة لتركيب الهيكل العظمي الكامل والطويل والذي قدّمه للعالَم تحت اسم الاحفور
هايدرارخس Hydrarchus
(ثعبان البحري الاسطوري). عالم الاحافير ريجارد هالان Richard Halan اكتشف ايضا
احافير ترجع إلى الباسيلوساورس Basilosaurus ، وهذا العالم كان أكثر علمية ومسؤلية من
السابق, ولكنه ايضا استنتج بعض التفسيرات الخاطئة. هارلان اعتقد أن الحيوان كان
لزواحف بحرية ضخمة منقرضة كانت منتشرة في المحيطات لفترة طويلة من الزمن في الماضي
السحيق. نظرا لهذه الخلفية الخاطئة قدم هارلان احفوره كملك للزواحف باسيلوساورس Basilosaurus . ثم قام أشهر
عالم احافير في انكلترا السير ريجارد اوين Sir
Richard Owen بألقاء نظرة
إلى ذلك الاحفور فظهر بعض الحقائق عن اصل ذلك الاحفور. مجموعة اسنان denture ذلك الحيوان
كانت مركبة من اسنان صغيرة في الجهة الامامية للوجه, وفي الجهة الخلفية مركبة من
اسنان عريضة بحجم البطاطس, وهذه تنافي مجموعة اسنان denture للزواحف التي
لها اسنان موحدّة الشكل. مجموعة الاسنان denture مركّبة من اسنان قاطعة واضراس molar teeth كاذبة وحقيقية
يمكن ايجاده فقط في عدد قليل جدا من الثديات. وكذلك العمود الفقري لذلك الحيوان Basilosaurus كان ايضا
للثديات والذي كان يطابق العمود الفقري للحيتان بشكل جيد. وعندما تمّ فحص العظم
تحت المجهر تبينت الحقيقة ، بدلا من نمط انابيب صغيرة كما في الزواحف وُجد تحت
عظمة السنّ Cement
نمط قنوات متموّجة صغيرة تماما كما هو موجود لدى الثديات. لكن على الرغم من ذلك
احتفظ الباسيلوساورس Basilosaurus باسمه بسبب قوانين التصنيفيات Taxonomy .
الجسم الطويل الشبيه
بالثعابين للباسيلوساورس Basilosaurus جعل من علماء الاحافير و هاوٍ للبحث والحفر
عن العظام القديمة حوالي 1830 يعتقدون ان الجسم ربما كان لثعابين البحر. على الرغم
من ان هناك الكثير من الاحافير المكتشفة للباسيلوساورس Basilosaurus الاّ ان عظام
ارجله القصيرة الخلفية تم اكتشافه في 1989. كان العلماء يعتقدون ان طول هذا
الحيوان يقدّر بخمسة واربعين مترا لكن الطول الحقيقي لهذه الحيوانات كان يتراوح
مابين 15 إلى 18 مترا. كان باسيلوساورس Basilosaurus كأقدم احفور للحيتان Cetacea لم يقدّم فكرة
قوية عن تطور الحيتان, حيث كانت الحيتان (الاحافير) المكتشفة مائية كاملة. على
الرغم من انهم لم يكونوا يشبهون الحيتان الحالية (مثل مجموعة اسنان denture التي شرحناها
والتي تطابق نوعية الحوت الماضغة, الحيتان الحالية ذوات الاسنان لديهم مجموعة
اسنان denture
ذات اسنان موحّدة الشكل (اسنان مخروطية مدببة السطح) ، الدلافين وخنازير البحر porpoise يبلعون الطعم
(الاسماك) بالكامل بينما باسيلوساورس Basilosaurus ومثيلاتها كانوا يمضغون الطعام قبل بلعه.)
وكذلك لم يكونوا يشبهوا اي من الثديات الحالية المعروفة.
كان يجب على العلماء ان
ينتظروا طويلا حتى يكتشفوا احافير جديدة التي تعطي صورة اوضح من سابقاتها. عالم
البحار ويليام فلاور William Flower اعادة تركيب هيكل الجدّ الاول للحيتان
الحالية ( حيوان بدائي يعيش في المستنقعات بدون شعر يغطيه مثل فرس البحر hippopotamus لكن بأرجل
قصيرة وذنب عريض, هذا الحيوان تكيّف تدريجيا مع الوسط الجديد وتطوّر بمرور الزمن
إلى الحيتان والدلافين الحالية. وبعد حوالي قرن تم اكتشاف جدّ اولي للحيتان
الحالية, ويمكننا القول ان تصورات ويليام فلاور كان في محلها.
عن طريق الصدفة اكتشف
عالم الاحافير فيليب خينكريخ Phillip
Gingerich في باكستان سنة
1975 احفورا فريدا عندما كان يبعث عن احافير للثديات القديمة وهو لم يكن يبحث عن
احافير الحيتان, وتم اكتشاف هذا الحفور عندما كانوا يحفرون في طبقات صخرية ترجع
إلى 50 مليون سنة تقريبا قبل الان, وكان الاحفور هذا عبارة عن اجزاء غريبة وصغيرة
من الجمجمة, الانطباع الاولي كان ان ذلك الاجزاء ترجع إلى حيوان منخفض الذكاء
جداً, لان فوق الجمجمة كان يمر رابط جسري ترتبط بواسطته عضلات الفكّ وهذه التركيبة
لم تعطي مجالا لزيادة حجم الجمجمة.
في المختبر تم اجراء
فحوصات دقيقة على الاجزاء المكتشفة. من الجمجمة الاصلية تم فقط العثور على اجزاء
قليلة منها, الجزء الخلفي من الجمجمة وجزء للفك السفلي مع عدة اسنان. اذا قيّمت
الحيوان من خلال شكل قمة اسنانه تقول ربما هو حيوان من عائلة ميزونايخيا Mesonychia وهذه عبارة عن
صنف من الحيوانات ذات الحوافر الآكلة للحوم. لكن العالم Gingerich اكتشف على جهة
من رأسه عظمة شبيه بحبة عنب وعظمة اخرى على شكل حرف S وهذا ينهي
الجدل حول اصل الحيوان لانّ الحيوان الوحيد الذي له هاتين العظمتين هو الحيتان
الحالية والحيتان الاحفورية اذا فقد ثبت وبشكل قاطع ان هذا الحيوان هو الجدّ
الأكبر للحيتان الحالية . وقد سمّى الاحفور بباكيسيتس Pakicetus (اي الحوت
الباكستاني). آذانه يشبه آذان الحيتان لكنها لها مميزات اخرى غريبة ، اذ ان
الحيتان تحت سطح الماء يمكنهم معرفة اتجاه الاصوات القادمة لان آذانهم تقع في
تركيبة عظمية مغلقة موجودة بشكل عائم في نسيج من الرغوة Foam والاُطيْرات
ومنفصل عن عظام الجمجمة لذلك كانوا يستقبلون الاصوات فقط من الخلال الفكّ. لكن
العظمة الثلاثة لباكيسيتس Pakicetus الشبيهة بحبة العنب ترتبط بالجمجمة ارتباطا
وثيقا. كان Pakicetus
بامكانه ربما السماع تحت سطح الماء بشكل لا بأس به لكن كانت هناك تسرّبات لترددات
الاجزاء العظمية الرابطة (ذكرناها اعلاه) لذلك كانت تلك الترددات تعيق Pakicetus من معرفة اتجاه
الصوت القادم. الحيتان الحالية عندما يغطسوا إلى الاعماق يقومون بملأ الفجوات حول
آذانهم بكمية من الدماء لحماية آذانهم من ضغط الماء العالي في الاعماق. جمجمة Pakicetus كان لا تحتوي
على تلك الفجوات والآلية لفعل ذلك لذلك نستنتج بان Pakicetus لم يكن قادرا
على الغطس العميق. ان Pakicetus كان حوتا يسبح بصعوبة في الانهار غير
العميقة وليس في البحار لانه لم يكن يجيد الغطس بطريقة جيدة بالاضافة إلى مشكلة
السمع تحت الماء. اذا هذا الحيوان باختصار له صفات واجزاء فقط موجودة في الحيتان
لذلك هي جدّ الحيتان الحالية قبل ملايين السنين من الآن.
بعد ذلك قام العالم Gingerich بالبدأ عن
البحث عن الفجوات في تطور الحيتان. قام العالم Gingerich مع مجموعته في
سنة 1983 و 1985 في مصر بالحفر والتنقيب في ما يسمى بوادي الحيتان وهذا الوادي هو
بصراحة منطقة صحراوية جرداء مليئة ببقايا الحيتان القديمة جدا. وتمكنوا تقريبا من
اكتشاف جمجمة حوت كل يوم لكثرتها وتمكنوا من العثور على 349 بقايا احافير الحيتان.
بعض الجماجم كان للباسيلوساورس Basilosaurus ولكن اغلبها كانت لنماذج من الحيتان الصغيرة
دورودون ئاتروكس Dorudon atrox,
وادي الحيتان مليئة ببقايا الحيتان لان في زمن العصر الفجري Eocene كان يمثل قاع
محيط يسميها العلماء الاحافير ببحر تيثاي Tethyssea هذا البحر كان يفصل أفريقيا عن آسيا وكان
يربط المحيط الهندي بالمحيط الاطلسي ، البحر الابيض المتوسط هو من بقايا ذلك
البحر, ووادي الحيتان كان حينها هور او بحيرة كمحمية بيئية كانت تعيش فيها سمك
القرش, السلحفاة, بقر البحر وحيوانات اخرى بحرية. تلك البحيرة (هور) كانت مليئة
بالحيتان الصغيرة مثل دوردون Dorudon الذين اتوا إلى هناك لكي يلدوا ويتكاثروا
وهذا واضح من خلال الكم الهائل من الاسنان المكتشفة لدوردونات Dorudons يافعة او شابة.
وعلى العكس من ذلك فان جميع احافير باسيلوساورس Basilosaurus كان لحيتان
بالغة. وهذه الحيوانات الضخمة اتوا إلى الهور لكي يصطادوا الدوردونات Dorudons اليافعة طعاما
لهم.
في سنة 1989 بدأ العالم
Gingerich
برحلة بحثه الثالثة ايضا في مصر. هذه المرة اراد ان يسلّط الزعانف والوَرِك haunch للحيتان
المنقرظة تحت البحث والفحص. البداية كانت غير مشجعة. فحص بعض الورك للباسيلوساورس Basilosaurus المكتشفة لكن
اغلبها كانت مكسّرة وغير كاملة وغير واضحة لدرجة ان بعض الاجزاء لم يكن باستطاعتهم
التعرّف عليها. وعندما كانوا يعملون على دورودون Dorudon شاب وجدوا بعض
العظام غير المعروفة واعتقد ان واحد منها عظمة الركبة kneeplate ولكن هذا شيء
صعب الفهم لانه اذا كان الحيوان له عظمة الركبة فانّ ذلك يعني انه كان يمتلك
الارجل الخلفية ايضا, وهذا شيء يصعب فهمه واستيعابه لحيوان مائي بحت. في الاسبوع
الاخير من تواجدهم في مصر وجدوا هيكلا عظميا جديدا للباسيلوساورس Basilosaurus ، وفي الجهة
الخلفية (12 متر
بعيدا عن الرأس) كان له عظم الفخذ thighbone. في نهاية عظم الفخذ كان له ركبة ثم عظمي
الظنبوب shinbone
والشظيّة splintbone
وكذلك عظم الكاحل anklebone ،
وفي اليوم الاخير تم ايجاد ثلاث اصابع لقدمه.
انه اذاً كان حيوانا
برجلين خلفيتين ، هذا الاكتشاف المتميز يظهر انه حتى هذا الحيوان المائي البحت كان
مازال لديه بقايا من ارجل اجداده الحيوانات البرية. على الرغم من ان الارجل
البدائية rudimentary
للباسيلوساورس طوله كان تقريبا 30 سنتيمتر مربوطا بجسم طوله 15 مترا والارجل
كانت مربوطة بعظم الحوض الذي بدوره لا يرتبط بالعمود الفقري اي كان قابل للانتقال
لانها ليست لها اسناد من العمود الفقري الاّ ان الارجل الخلفية كانت ماتزال لها
وظيفة لان العالم Gingerich
وجد آثار معينة على العظمة توضح انها كانت مربوطة بعضلات قوية. عندما حاول Gingerich معرفة كيفية
حركة الرجلين الخلفيتين حدث شيء غريب, الارجل كانت صلدة جدا وغير قابل للحركة
تقريبا, لانه لم يكن لديها ثلم gutter في اسفل القدم الذي تتدحرج عليه عظمة الركبة
عادة في الحيوانات البرية. كانت هناك حالتان (وضعيتان) فقط تناسب الارجل الخلفية
وهما امّا بشكل ممدّد او ملتصقا بالجسم على طول الساق. وحسب رأي Gingerich فانهما كانا من
الصعب على الحيوان تحريكهما بحرية وهذا يثير التساؤل حول فائدة الرجلين مادام
كانتا شبه جامدتين. يعتقد Gingerich بان الرجلين كانتا تستعملان للمساعدة على
الالتصاق خلال عملية الجماع ، حيث كان الذكر يلتصق بالانثى وتتشابك ارجلهما
الخلفيتان لكي يحافظا على التصاقهما خلال الجماع. وكذلك الحيتان الصغيرة Dorudon كانت لها ارجل
خلفية, على الرغم من ان Dorudon ليست لها جسم طويل ثعباني كما في حالة
الباسيلوساورس الا ان شكل جسمها لم يكن الدافع وراء تواجد الرجلين الخلفيتين.
والرجلان كانتا فقط من بقايا التطور التي لم تزولا بعدُ. ولكن التطور ازالهما بشكل
نهائي وبمرور الزمن. كان العالم Gingerich كان يدرك بانه كان هناك الكثيرمن العمل يجب
انجازه لتكتمل صورة تطور الحيتان وان هناك فجوة تقدر بعشر ملايين من السنين ما بين
Pakicetus و Basilosaurus والتي يجب
البحث عنها. وملأ تلك الفجوة كان مهمة صعبة لعلماء الاحافير, اذ قام زميل للعالم Gingerich اسمه Hans Thewissen مع مجموعة من
زملائه في 1991 و 1992 بالبحث عن الاحافير في باكستان املا في الحثور على احافير
جديدة ليست للنوع السابق Pakicetus . في سنة 1991 وجدوا فكّ جديد للباكيسيتس Pakicetus لكن كان بشكل
اكمل من المرة السابقة للعالم Gingerich. وفي بحثه الثاني في 1992 اكتشفوا احفورا
يرجع إلى حيوان ذو حوافر او بقر البحر, لكن كان له جسم غريب اذا قارنته مع
الثديات, السيقان الامامية كانت قصيرة لكن مع ايدي كبيرة وعريضة, والارجل الخلفية
كانت ذو اقدام طويلة شبيه بمهرجي السيرك في ايامنا الحالية. ووجدوا كذلك اسنان
(اضراس) مثلثة الشكل مطابقة للتي تم ايجادها لدى الاحفور ميزونايخيا Mesonychia. وقد تم
التعرّف على هوية الحيوان من خلال الاذن تماما كما في حالة Pakicetus اذ وجدوا في
جمجمة هذا الاحفور ايضا عظمة الاذن شبيه بحبة العنب و العظمة على شكل حرف S لذلك استنتجوا
مباشرة بانهم وجدوا احفورا يرجع إلى الحيتان. وهذه المرة كانت لحوت كان قابل للمشي
على اقدامه ، انه نموذج جيد جدا لحالة الحوت الانتقالية. فكّ الباكيسيتوس الجديد Pakicetus له فتحة صغيرة
كرأس الدبّوس في الجهة الداخلية الجانبية من الفكّ. تمر الاوعية الدموية والاعصاب
من خلال تلك الفتحة إلى منطقة الذقن من الرأس وكل ثديّات اليابسة لهم ذلك النوع من
الثقب او الفجوة. وتحولت تلك الفتحة في الحيتان الحالية إلى شقّ طويل يمر على طول
معظم اجزاء الفكّ. العالم Thewissen وجد بان تلك الفتحة للاحفور الجديد كانت
استطالت قليلا واخذت شكلا بيضويا.
للاسف لم يستطيعوا ان
ينقلوا هذا الاحفور معهم لنقص في مكان وسائط النقل, لذلك ترك العالم Thewissen اجزاء من
الاحفور في مكانها الذي اكتشف فيه. لكن رجع Thewissen مع Gingerich بفترة قليلة
إلى المكان السابق لنقل الاجزاء المتبقية والبحث عن احافير جديدة. واثناء الحفر
اكتشف العالم Gingerich
هيكلا عظميا جديدا لكنه ليس بقدم الاحفور السابق لثيوسن Thewissen والحيون كان
مائيا بصورة احسن وكان سباحا احسن من سابقتها والاحفور وجد في متحجرات التي كانت
في زمنها تقع خارج منطقة ساحل البحر. اكتمل الحفر في عدة ايام والحيوان كان حجمه
بقدر اسد البحر برأس شبيه بالحيتان ما قبل التأريخ واسنان مطابقة للميزونايخيا Mesonychia . والهيكل كان
كاملا تقريبا ماعدا الارجل والذنب ، ولكن عظمة ساقه المكتشفة كانت قصيرة لكي نقول
عنه انه كان بريّا ولكنه كان أكبر من مثيلتها عند الباسيلوساورس Basilosaurus مثلا. جلب Thewissen مع Gingerich المكتشفات
الجديدة إلى المختبر ودرسوها لمدة عامين وقاما بنشر استنتاجاتهم ودراساتهم بشكل
منفصل في سنة 1994. ثيوسنhewissen سمّى احفوره بأمبولوسيتس ناتانس Ambulocetus natans و
العالم Gingerich
سمّى احفوره برودوسيتس كسراني Rhodocetus
kasranii.
وبعد ذلك جرت
الاكتشافات بسرعة ما بين سنة 1995 و 2001 ، وتم اكتشاف تاكريسيتس سيموس Takracetus simus و
جافيوسيتس رازاي Gaviocetus razai و
دالانيتيس احمدي Dalanistes ahmedi و
قايشراسيتس عريفي Qaisracetus arifi و
أندريوسيفيس سلواني Andrewsiphius sloani و بابياسيتس الهندي Babiacetus indicus و
قطع جديدة من باسيلوساورس (B.drazindai) و باسيلوتيرس الحسيني Basiloterus hussaini
والخ. وكذلك تم العثور على هياكل كاملة Ambulocetus و Rhodocetus (مع ارجلها ايضا) و Pakicetus. بواسطة كل هذه
الاكتشافات الاحفورية تم القضاء على الفراغ الاحفوري للحيتان الذي كان سائداً في
1859 وقبلها. واستطاع الانسان ان يحدّد الانواع التي تمثل اجداد الحيتان من خلال
الاحافير. عائلة ريمنتونوسيتيديا Remingtonocetidae على سبيل المثال التي تتألف من 5 اجيال
مكتشفة منها دالانيستس Dalanistes و ريمنتونوسيتس Remingtonocetus و كاجيسيتس Kutchicetus وهذه المجموعة
لا تمثّل الجدّ المباشر للحيتان الحالية. من ناحية المظهر كانوا يشبهون
الأمبولوسيتس Ambulocetus
لكن كان لها وجه طويل غير عادي مثل الغريال (تمساح هندي) gavial ومن المؤكد
استعمله بنفس طريقة الغريال. كاجيسيتس Kutchicetus مثلا كان يشبه القضاعة otter لكن بوجه طويل
جداً شبيه بوجه الغريال. اذا رأيته الان فرضا سوف تقول انك شاهدت اغرب شيء في
حياتك كله اذا قارنته بالثديات قرن الواحد والعشرين الحالي.
رسم تصوري تركيبي للكاجيسيتس Kutchicetus
تلك الحيوانات كانت
تشكّل جزء من الطبيعة والتي اختفت بشكل كامل, على الرغم من انه بعد ذلك ظهرت بعض
الثديات البرمائية مثل كلاب البحر و القضاعة otter الاّ انهم
كانوا في الحقيقة تماسيح ذات شعر على اجسامهم كنموذج الثديات من الغريال gavial و تمساح
القاطور Alligator.
تلك الانواع انقرضت تماما وبقيت فقط الحيتان الحالية المائية. لكن على الرغم من
ذلك بقي بعض الانواع تعيش كثديات برمائية. والنوعان البرمائية منها والمائية كانا
يعيشان في بيئة ئيكولوجية مختلفة عن البعض لذلك لا يعارض الواحد على وجود الاخر.
عندما اكتشف العلماء كافيوسيتس Gaviocetus التي كان لها اقدام غير مسندة ومرتبطة
بالعمود الفقري عن طريق عظم الحوض تمّ سدّ فجوة التي كانت موجودة بين رودوسيتس Rhodocetus و دورودون Dorudon. واخيرا تم
العثور على جميع الروابط الانتقالية بين البرّ والبحر. وعندما تشكّلت الحيوانات
المائية الكاملة مثل الباسيلوساورس Basilosaurus و دورودون Dorudon لم تكن عملية
تطورهم قد انتهت بعدُ اذ انهم تتطوروا بدورهم إلى مجموعتين وهما الحيتان ذات
الاسنان والحيتان البلّينية. الحيتان تصنف إلى 3 اصناف وهم Odontoceti (ذات الاسنان)
و Mysticeti
(البلّينية) والصنف المنقرض Archaeoceti (حيتان البدائية القديمة جدا) . كان العلماء
في البداية يعتقدون بان الاصناف الثلاثة تشكلت خلال التطور بشكل منفصل عن بعضها
البعض من الثديات البريّة وذلك اتت من الاختلاف الكبير الموجود بين الاصناف
الثلاثة هذه الاختلافات توحي بانه من الصعب على الاصناف الثلاثة ان تكون لهم جدّ
قديم مشترك. Archaeoceti و Odontoceti لهم اسنان ،
الاول كما ذكرنا سابقا لهم تشكيلة اسنان تتكون من اسنان امامية واضراس قاطعة
وكانوا يمضغون غذائهم. و Odontoceti له اسنان موحدة الشكل وكان يبلع الغذاء
كاملا دون مضغ ، بالاضافة إلى ذلك كان يستعمل نظام الصدى لتحديد المواقع Echolocation وذلك لتتبع
فريسته. في سجل الاحافير موجودة Echolocation على شكل فجوات هوائية والواح عظمية عاكسة
وحساسة لتردد الاصوات لكن هذا الشيء غير موجود في Archaeoceti . والصنف Mysticeti (البلّينية)
كان يزن الواحد منها تقريبا بقدر قطيع من الفيل وفي تجويفهم كان تتواجد الكثير من
البلّينات القرنية الشكل كانت تستعمل لنخل (غربلة) الاسماك عن المياه واكلها. Mysticeti و Odontoceti لهم فتحات
للانف ، و Odontoceti
كان له فتحة انف واحدة في الجهة العليا من الرأس وكانت تمثل فتحة التنفس. لكن Archaeoceti كان له فتحة
انف في الجزء الامامي من الوجه. لكننا نعرف الان بان Mysticeti و Odontoceti نشئتا من Archaeoceti حيث كانت
الحيتان البدائية البريّة و البرمائية من نوع Archaeoceti. لكن كيفية
تكون الحيتان البلينية كانت تعتبر من الاشياء غير المعروفة لمدة طويلة. في الحقيقة
تم اكتشاف احفور لحوت سنة 1966 الذي يظهر بان الحيتان البلينية تتطورت من الحيتان
كانت يولدها الحوت بنفسه. ولتوليد الاصوات تعلمت الحيتان السنّية من انتاج الاصوات
عن طريق الانف بدلا من الاوتار الصوتية العادية. الكثير من خبراء الثديات يقولون
بان هناك الكثير من الحيوانات الحالية التي تستعمل نفس النظام مثل تيس الجبال ibex و الشّمواة chamois والغزال Gazelle والتي يولّدون
اصوات عن طريق الانف كانذار في حالات الخطر وربما كان الميزونايخيا Mesonychia قادرا على عمل
نفس الشيء. ربما تشكّل العضو البطيخي الشكل melomorgan كنوع من رأس
للأنف, اكتشف عالم حيتان بعض من الكريات الدهنية وبقايا انسجة خارجة عن فتحة البخّ
وكانت تشبه بُطيْخات صغيرة. العلماء الان يعتقدون بان العضو البطيخي الشكل melomorgan تشكّل اولا لدى
الحيتان البدائية Archaeoceti
التي استعملها لغلق فتحات الانف لمنع تسرب مياه البحر المالحة إلى الداخل. وهذه
الاعضاء البطيخية الشكل melomorgan انكمشت لدى الحيتان البلينية وفقدت وظيفتها,
لكن لدى الحيتان السنّية واحد منها تضخّم و اصبح له وظيفة جديدة ، وبذلك حصل
الحيتان السنّية على الاساس اللازم لتشكيل نظام تحديد المواقع عن طريق الصدى Echolocation . الخطوط
العريضة لتطور الحيتان واضحة ومعروفة. بعد تشكّل Mysticeti و Odontoceti تشكلت بعدها
انواع مختلفة اخرى بالاضافة إلى الحيتان, عائلات عديدة مثل الدلافين وخنازير البحر
والحيتان السنّية الكبيرة التي تكيّفت كثيرا للعيش في المياه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.