أحمد حسن الزيات
2أبريل1885 - 12 مايو 1986
واحد من الكوكبة التي تبوأت مكان الصدارة في تاريخ الثقافة العربية، وَلَج
إلى هذه الكوكبة ببيانه الصافي، وأسلوبه الرائق، ولغته السمحة، وبإصداره
مجلة "الرسالة" ذات الأثر العظيم في الثقافية العربية
مولد الزيات ونشأته
استقبلت قرية "كفر دميرة القديم" التابعة لمركز "طلخا" بمحافظة "الدقهلية" بمصر وليدها في (2 إبريل 1885)، ونشأ في أسرة متوسطة الحال، تعمل بالزراعة، وكان لوالده نزوع أدبي، وتمتّعت أمه بلباقة الحديث وبراعة الحكي والمسامرة، تلقى الصغير تعليمه الأوّلي في كُتّاب القرية، وهو لا يزال غضًا طريًا في الخامسة من عمره، فتعلم القراءة والكتابة، وأتمّ حفظ القرآن الكريم وتجويده، ثم أرسله أبوه إلى أحد العلماء في قرية مجاورة، فتلقى على يديه القراءات السبع وأتقنها في سنة واحدة.
استقبلت قرية "كفر دميرة القديم" التابعة لمركز "طلخا" بمحافظة "الدقهلية" بمصر وليدها في (2 إبريل 1885)، ونشأ في أسرة متوسطة الحال، تعمل بالزراعة، وكان لوالده نزوع أدبي، وتمتّعت أمه بلباقة الحديث وبراعة الحكي والمسامرة، تلقى الصغير تعليمه الأوّلي في كُتّاب القرية، وهو لا يزال غضًا طريًا في الخامسة من عمره، فتعلم القراءة والكتابة، وأتمّ حفظ القرآن الكريم وتجويده، ثم أرسله أبوه إلى أحد العلماء في قرية مجاورة، فتلقى على يديه القراءات السبع وأتقنها في سنة واحدة.
التحق الزيات بالجامع الأزهر وهو في الثالثة عشرة من عمره، وكانت الدراسة
فيه مفتوحة لا تتقيد بسن معينة، أو تلزم التلاميذ بالتقيد بشيخ محدد، وإنما
كان الطلاب يتنقلون بين الأساتذة، يفاضلون بينهم، حتى إذا آنس أحدهم ميلاً
إلى شيخ بعينه؛ لزمه وانصرف إليه.
ظل الزيات بالأزهر عشر سنوات، تلقى في أثنائها علوم الشريعة والعربية، غير
أن نفسه كانت تميل إلى الأدب، بسبب النشأة والتكوين، فانصرف إليه كليةً،
وتعلق بدروس الشيخ "سيد علي المرصفي" الذي كان يدرّس الأدب في الأزهر،
ويشرح لتلاميذه "حماسة" أبى تمام، وكتاب "الكامل" للمبرّد، كما حضر شرح
المعلقات للشيخ محمد محمود الشنقيطي، أحد أعلام اللغة البارزين.
كان الزيات في أثناء فترة التحاقه بالجامعة يعمل مدرسا بالمدارس الأهلية،
وفي الوقت نفسه يدرس اللغة الفرنسية التي أعانته كثيرا في دراسته الجامعية
حتى تمكن من نيل شهادة الليسانس سنة (1912).
التقى الزيات وهو يعمل بالتدريس في المدرسة الإعدادية الثانوية في سنة
(1914) بعدد من زملائه، كانوا بعد ذلك قادة الفكر والرأي في مصر، مثل:
العقاد، والمازني، وأحمد زكي، ومحمد فريد أبوحديد، وقد أتيح له في هذه
المدرسة أن يسهم في العمل الوطني ومقاومة المحتل الغاصب، فكان يكتب
المنشورات السرية التي كانت تصدرها الجمعية التنفيذية للطلبة في أثناء ثورة
1919، وكانت تلك المدارس من طلائع المدارس التي أشعلت الثورة وقادت
المظاهرات.
ظل الزيات يعمل بالمدارس الأهلية حتى اختارته الجامعة الأمريكية بالقاهرة
رئيسا للقسم العربي بها في سنة (1922)، وفي أثناء ذلك التحق بكلية الحقوق
الفرنسية، وكانت الدراسة بها ليلاً، ومدتها ثلاث سنوات، أمضى منها سنتين في
مصر، وقضى الثالثة في فرنسا حيث حصل على ليسانس الحقوق من جامعة باريس في
سنة (1925).
ظل بالجامعة الأمريكية حتى اختير أستاذا في دار المعلمين العالية ببغداد
(1929) ومكث بها ثلاث سنوات، حفلت بالعمل الجاد، والاختلاط بالأدباء
والشعراء العراقيين، وإلقاء المحاضرات.
بعد عودة الزيات من بغداد سنة (1933) هجر التدريس، وتفرغ للصحافة والتأليف،
وفكّر في إنشاء مجلة للأدب الراقي والفن الرفيع، بعد أن وجد أن الساحة قد
خلت باختفاء "السياسة" الأسبوعية التي كانت ملتقى كبار الأدباء والمفكرين،
وذات أثر واضح في الحياة الثقافية بمصر، وسانده في عزمه أصدقاؤه من لجنة
التأليف والترجمة والنشر.
يُعد الزيات صاحب مدرسة في الكتابة، وأحد أربعة عُرف كل منهم بأسلوبه
المتميز وطريقته الخاصة في الصياغة والتعبير، حيث عالج في أدبه كثيرا من
الموضوعات السياسية والاجتماعية، فهاجم الإقطاع في مصر، ونقد الحكام
والوزراء، وربط بين الدين والتضامن الاجتماعي، وحارب المجالس الوطنية
المزيّفة، وقاوم المحتل، وعبّأ الشعب لمقاومته، ورسم سبل الخلاص منه.
أخرج الزيات للمكتبة العربية عددا من الكتب، أقدمها: كتابه "تاريخ الأدب
العربي"، وصدر سنة (1916)، ثم أصدر "في أصول الأدب" سنة (1934)، و"دفاع عن
البلاعة" سنة (1945) وهو كتاب في النقد الأسلوبي، قصره الزيات على بيان
السمات المثلى للأسلوب العربي.
ثم جمع الزيات مقالاته وأبحاثه التي نشرها في مجلته، وأصدرها في كتابه "وحي
الرسالة" في أربعة مجلدات، أودعها تجاربه ومشاهداته وانفعالاته وآراءه في
الأدب والحياة والاجتماع والسياسة، بالإضافة إلى ما صوّره بقلمه من تراجم
لشخصيات سياسية وأدبية.
لم يكن التأليف وكتابة المقالة الأدبية هما ميدانه، بل كان له دور في
الترجمة الراقية، ذات البيان البديع، فترجم من الفرنسية "آلام فرتر" لجوته
سنة (1920) ورواية "روفائيل" للأديب الفرنسي لامرتين، وذلك في أثناء إقامته
بفرنسا سنة (1925).
لقي الزيات تقدير المجامِع والهيئات العربية، فاختير عضوا في المجامع
اللغوية في القاهرة، ودمشق، وبغداد، وكرّمته مصر بجائزتها التقديرية في
الأدب سنة (1962).
عاش الزيات بعيدا عن الانتماءات الحزبية، فلم ينضم إلى حزب سياسي يدافع
عنه، مثل العقاد وهيكل وطه حسين، ولم يدخل في خصومه مع أحد، ولم يشترك في
المعارك الأدبية التي حفلت بها الحياة الثقافية في مصر؛ فقد كان هادئ
النفس، وديع الخلق، ليّن الجانب، سليم الصدر.
ظل الزيات محل تقدير وموضع اهتمام حتى لقي ربه بالقاهرة في صباح الأربعاء الموافق (12 مايو 1968) عن ثلاثة وثمانين عاما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.