الجمعة، 16 نوفمبر 2018

بيئة (علم) ECOLOGY


بيئة (علم)  
ECOLOGY


الكائنات الحية جميعاً أعضاء في بيئات طبيعية توفر لها الظروف الملائمة للحياة، أو على الأقل الظروف التي تستطيع أن احتمالها، ولا يمكن أن تتصف شروط الحياة التي توفرها البيئة للنوع أو للفرد بالكمال، ولذلك فإن الكفاح من أجل البقاء مستمر، وبعض القوي التي توجد في البيئة ضارة مهلكة، والبعض الآخر يعمل على حفظ الحياة وحمايتها، ومسرح الحياة في كل بيئة معد لأن تتطور وتنشأ به أنواع معينة من الأحياء، ودراسة أثر البيئة في حياة النباتات والحيوانات التي يعيش فيها فرع من فروع المعرفة يسمي " علم البيئة"
ويتكون المجتمع الطبيعي في كل بيئة من نباتات وحيوانات مختلفة، فإذا وجد في البيئة مثلاً ألف طائر أسود أحمر الجناح، فإنها تكون جالية من نوع خاص ولكنها ليست مجتمعاً، غير أن هذه الطيور وغيرها من النباتات والحيوانات التي تعيش معها في مستنقع أو حول بركة تكون جميعاً مجتمعاً طبيعياً، وهكذا تكون النباتات والحيوانات التي تستطيع تحمل ظروف الجفاف القاسية بيئات صحراوية، وتلك التي تعيش في المناطق المعتدلة لابد وأن تتصف بتحمل التغيرات الموسمية.
وتتكون البيئات العديدة المتباينة في العالم من أنواع مختلفة من المجتمعات الطبيعية ، تشتمل علي أعداد لا حصر لها من مختلف النباتات والحيوانات ، فبعض الحيوانات مثلاً من آكلات اللحوم ، والبعض الآخر من آكلات النبات، والبعض من ذوات الدم الحار وغيرها من ذوات الدم الحار ، ومن الحيوانات ما يقضي فترة بيات شتوي أو فترة من توقف النشاط صيفاً ، ويهاجر البعض الآخر مع تغير الفصول ، وهناك حيوانات مائية وأخري أرضية ، ومن الحيوانات ما يتميز بحدة البصر أو الشم أو السمع ، ومنها ما هو علي النقيض من ذلك ضعيف الحواس أو تنقصه بعض الحواس كلية ، والنباتات بدورها ملائمة للحياة في بيئاتها الطبيعية ، فمنها ما يفضل في الظل ومنها ما لا يعيش في ضوء الشمس، وبينها ما يحتاج إلي ماء كثير وما لا يلزمه إلا  قدر ضئيل. والنباتات والحيوانات وحيدة الخلية أقرب من غيرها في القدرة على المعيشة وحدها، في حين ان تخصص النباتات والحيوانات الراقية يحدد ضرورة حياتها في بيئات معينة، ويزيد من اعتمادها باستمرار على غيرها من النباتات والحيوانات، ومن الواضح أن الإنسان يستطيع المعيشة في مختلف أنحاء العالم، إلا أنه لم يتوصل إلى ذلك إلا ببناء بيئة مناسبة حول نفسه بالملابس التي يرتديها والمأوي الذي يسكنه.
وقد تحتوي قطرة من الماء على مجتمع طبيعي من الحيوانات الأولية والطحالب والبكتريا وغيرها من النباتات والحيوانات الصغيرة، ورغم ضآلة هذه البيئة، فإن الكائنات التي بها تعتمد علي بعضها البعض مثلها في ذلك مثل مجتمع أراضي المراعي أو مجتمع الغابات المطيرة الاستوائية التي تشغل مساحات تبلغ آلاف الأميال المربعة.
التغير المستمر
إن التغيير سنة الحياة ، ومن أمثلته أن كل حيّ يزداد في العمر ، هو نوع من التغيير المستمر ، وتختلف صغار بعض الحيوانات والنباتات في بعض الأحيان اختلافاً بيناً في مظهرها وعاداتها عن كبارها ، واغلب أنواع الحشرات تمر في أربعة اطوار مختلفة من البيضة إلي الحشرة الكاملة، وتفقس بيضة الضفدعة يرقة أبي ذنيبة التي تعيش في الماء ، وعندما يجيء الأوان تمتص اليرقة ذنبها وتنمو أرجلها وتتحول إلي ضفدعة كاملة تتنفس الهواء، ويحدث التغير في بعض الحيوانات تدريجياً في أثناء النمو ، وتنمو لبعض الطيور أشكال مختلفة من الريش كلما تقدم بها العمر ، كما أن بعض الثدييات تغير ألوان أو شكل فرائها ، أما الإنسان فإن ما يطرأ علي مظهره من تغير يجري ببطء شديد، وخلاصة القول إن تغير الكائنات الحية مع تقدمها في العمر قاعدة عامة، وتبدو علامات كبر السن واضحة ، وأخيراً ينتهي مصير كل كائن حي إلي الموت-  كل من عليها فان.
ويمر المجتمع الطبيعي في تغيرات مماثلة، فمجري الماء العذب الذي يمر في غابة مكشوفة يكون مجتمعاً طبيعياً من النباتات والحيوانات تتميز به مجاري المياه في الغابات، فإذا أقامت القنادس سدوداً على المجري وانشأت بركة فإن المجتمع بأسره يتغير، فتنمو نباتات جديدة على حافة البركة وتعيش حيوانات مختلفة في الماء الراكد، وتبني الطيور التي تحب الأراضي المغمورة أعشاشها على نباتات ذنب الهر والبردي وغيرها.
ومع مرور الزمن تمتلئ البركة شيئا فشيئاً بالنباتات الميتة والطين، وتتزاحم أنواع النجيل والبردي حول حوافها، وأخيراً تصبح البركة مرجاً أخضر، وتتبع الأشجار والشجيرات الحشائش، وينشأ مجتمع شبيه بما كان موجود أصلاً أي مجتمع الماء العذب الجاري في أراضي الغابات، ولكل نوع من البيئة صورة خاصة به من التغيرات، وتعاقب الأنواع التي يتبع بعضها البعض.
وتطرأ على الكائنات الحية ومجتمعها الطبيعي تغيرات على كافة الأشكال والأنواع، وطالما كانت الحياة في مجراها الطبيعي فلن تحدث " حالة اتزان " يقف خلالها حدوث التغيرات.
وللمجتمعات الطبيعية على اختلافها أنظمة أنشأتها للحد من زيادة الأعضاء فيها ولإيجاد أنواع من التوازن بينها، ويترتب على ذلك حدوث تغيرات أو دورات من شأنها أن توجد الحياة وتجعلها دائمة، والمقصود بالحياة هنا ليست حياة الفرد أو حياة جماعة معينة بل الحياة نفسها.
فالحياة دورة تبدأ حين ينشأ نبات أو حيوان جديد، وتتم إذا نما النبات أو الحيوان ووصل إلي طوره البالغ وأنتج صغاراً من نوعه قبل أن يموت، ثم تبدأ الدورة من جديد.
وهناك دورات أخري كثيرة تحدث داخل دورات الحياة، ويكون للكائنات الحية فيها دور هام، ومن أمثالها دورات الأكسجين والنيتروجين والكربون والماء والتعرية والتغذية.
وكل هذه الدورات عامل أساسي في استمرار الحياة وليس بينها ما يعمل بمعزل عن الدورات الأخرى، فالمواد المعدنية في التربة يجب أن تكون كافية لنمو النبات، والنباتات يجب أن تكون من الكثرة بحيث تكفي لأن تحفظ حياة الحيوانات التي تتغذي على النباتات، وهذه الحيوانات بدورها غذاء لآكلات اللحوم، وتنتهي دورة حياة كل فرد بالموت، فتعود المواد المعدنية إلى التربة، وإذا أوقفت أية دورة من هذه الدورات فإن المجتمع الطبيعي يفقد من حيويته وقد ينتهي أمره بالفناء.
الإنسان في المجتمعات الطبيعية
الإنسان جزء من كثير من مختلف دورات المجتمعات الطبيعية ، ورغم أنه أهم الكائنات جميعاً ، فإنه ليس في جميع الحالات أكثرها ملائمة للحياة في مجتمع ما، والكثير من الحيوانات تتفوق عليه في ناحية أو أخري ، فالطيور و السيبيا  وكثير من الثدييات أحد منه نظراً ، ومن الحيوانات ما يتميز عنه في الشم والسمع ، ومنها ما يستطيع الجري بسرعة أكبر وإلي مسافات أبعد ، فإذا كان الإنسان يجري ميلاً في نحو اربع دقائق فإن حصان السباق يجريه في 1.4 دقيقة، ، والفهد في 0.8 من الدقيقة، وبعض الأسماك تقطعه صباحاً في أقل من دقيقة ، ويتبين من ذلك أن الإنسان لا يستطيع أن يكتشف وجود الأعداء أو يهرب منها بسرعة مماثلة لأنواع كثيرة من الحيوانات.
غير أن الإنسان يتفوق عليها جميعاً بما أوتي من ذكاء، فهو يتعلم من نفسه ومن الخبرة التي لدي غيره طرق التغلب على أعدائه ومنافسيه، فقد أقام حروباً شعواء على البكتريا والحشرات والقوارض وخرج منها منتصراً، واستطاع أن ينشئ من حوله بيئة أكثر ملائمة لحياته، وأن ينمي في هذه البيئة ما يحتاج إليه من نباتات نافعة.
وعلى الرغم من استطاعة الإنسان أن يتحكم في بيئته إلى حد كبير، فإنه لم يستغل دائماً هذه المقدرة على أحسن صورة، وكثيراً ما ضيع الموارد الطبيعية أو أساء استعمالها وقضي علي الكثير من الحيوانات والنباتات النافعة، غير انه تعلم أخيراً أن من صالحه أن ينشئ البحيرات ويعيد زراعة الغابات ويصلح التربة، وهكذا يحافظ على مجتمعات النباتات والحيوانات الهامة التي يكون جزءاً منها ويعتمد عليها في البقاء.
ولتحسين بحيرة للأسماك لابد من دراسة حاجات للأسماك – طعامها وعادات توالدها ودرجات الحرارة المناسبة لها والأعداء الذين يجب حمايتها منهم.
وللقضاء علي الطفيليات يجب أن يتعلم أولاً دورات حياتها، ، فقد عجز عن مقاومة الملاريا حتي اكتشف انها تنتقل بواسطة البعوض ، ثم درس دورة حياة البعوض وكذلك دورة حياة الكائن الحي الطفيلي الذي يسبب حدوث الملاريا ، وبهذا كله نجح في إيقاف انتشار المرض وفي قتل طفيليات الملاريا داخل أجسام المرضي بها.
وبدراسة دورات حياة النباتات تعلم الإنسان خير الطرق في زراعتها كمحصولات، وبهذه المعلومات وأمثالها استطاع الاستفادة من الأراضي قليلة الأمطار من جهة، والأراضي كثيرة الأمطار إلى حد بالغ من جهة أخري، بما فيه خيره وصالحه، فازدادت مساحات الأراضي التي تستغل في الزراعة كما ازداد مقدار ما تنتجه من محصولات.

لتحميل الموضوع منسق وجاهز للطباعة من هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.