الإنكا
INKA
نشرت الصحف سنة 1950 م في مقالاتها الافتتاحية نبأ زلزال
حكم مدينة كوزكو في جمهورية بيرو ، ويعرف المطلعون علي قصة تاريخ العالم الجديد
قبل ان يكتشفه كولمبس ،أن مدينة بيرو هذه هي عاصمة إمبراطورية الإنكا التي كانت
ذات حضارة عظيمة في أمريكا الجنوبية ،والإنكا من شعوب الهنود الحمر ، وقد امتدت إمبراطورتيهم
علي الشريط الغربي للقارة ،ابتداء من
إكوادور الحالية خلال بيرو وبوليفيا حتي شيلي ، ويتركز معظمها علي جبال الأنديز ،
وكانت كوزكو عاصمتها تقع علي ارتفاع ميلين عن مستوي سطح البحر ،وكان ثمة مدن أخري
كثيرة أيضاً في هذه الإمبراطورية .
وقد وصلت حضارة الإنكا إلى أوج عظمتها في أمريكا الجنوبية
في الوقت الذي بلغت فيه حضارة الأزتك https://elkowmeya.blogspot.com.eg/2017/08/aztecs.html
قمة ازدهارها في المكسيك.
وسقطت الإمبراطوريتان تحت أقدام الغزاة الأسبان، فأستولي
(كورتيز) على إمبراطورية الأزتك، وأستولي (بيزارو) على إمبراطورية الإنكا.
وقد برع شعب الإنكا في البناء والتشييد ووصلوا في ذلك
إلي شأن بعيد فاستخدموا الكتل الكبيرة من أحجار الجرانيت التي يزن بعضها أكثر من
مائة طن ،رغم أنه لم يكن لديهم مكنات أو حيوانات يستخدمونها كالثور والحصان ،ولذلك
فنحن نتعجب كيف استطاعوا قطع هذه الكتل الحجرية الضخمة ونقلها عبر مئات الأميال ،
ثم رفعها وتثبيتها في المباني كل ذلك وليس لديهم إلا آلات حجرية بسيطة ، ولم
يكونوا يستخدموا المونة في ربط الكتل الحجرية بعضها فوق بعض ،بل كانوا يسوون
سطوحها تسوية جيدة ،فإذا وضعوها فوق بعضها البعض لا تترك ثغرة ينفد منها شيء حتي
نصل السكين وبهذه الطريقة شيدوا القصور والمعابد والقلاع العظيمة التي أطلق
الأسبان علي واحدة منها عجيبة الدنيا الثامنة ،كذلك شيدوا الطرق علي سفوح الجبال
وبنوا الكباري فوق الخوانق والوديان ، وقد بلغ طول بعض طرقهم 1500 ميل ،قطعها العداؤون
حاملين الرسائل والبريد .
كذلك أنشأ البناؤون من ابناء هذا الشعب العظيم المدرجات
الجبلية، وبذلك حولوا سفوح الجبال إلى حدائق غناء تنتج المحاصيل المختلفة، كذلك
أقاموا خزانات المياه وحفروا قنوات الري.
وتدل بقايا زلزال عام 1950 م على عظمة فن البناء عند شعب
الإنكا، فلم يقوا الزلزال على تحطيم الجدران التي شيدوها،
بينما تحطمت غير ها من الدور والحيطان، كذلك سبق شعب
الإنكا غيره من الشعوب الهندية الأخرى في استئناس الحيوان، وكان يربي اللاما
والألباكا ويقومان مقام حصان الحمل، وتعد أرضهم موطنهما الأصلي
ولم يكن الإنكا يعرفون الكتابة، ولكنهم كانوا يحفظون بعض
السجلات بطريقة بدائية جداً، ومع ذلك كانوا يعرفون صناعة النسيج الجميل والفخار الممتاز،
وكان لديهم من الآلات الموسيقية الطبلة والفلوت وربما غيرها من الآلات، وكان
كهنتهم يعرفون الشيء الكثير عن الشمس والنجوم والكواكب ولا غرابة في ذلك، فهم
كانوا يعبدون الشمس وشيدوا وبنوا لها معبداً في كوزكو، غطوا جدرانه بالذهب الذي
كانوا يعدونه من دموع الشمس.
وكانوا ينظرون إلى حاكمهم كما ينظرون إلى أحد الآلهة،
وكان يسمي " نكا" وكان لديه مخزون ضخم من الذهب،
وجاء في الروايات أنه كان يغطي جسمه بمسحوق من الذهب مرة كل عام، ثم يذهب إلى
بحيرة "تيتيكاكا " فيستحم بها ليزيل الذهب في البحيرة
كذلك تذكر أحدي الروايات أن السور الذي كان مقاما حوله
قصره في كوزكو عبارة عن سلسلة ضخمة من الذهب وقد ألقيت هذه السلسلة في البحيرة حتى
لا يستولي عليها الأسبان ولم يعثروا عليها حتى الأن
وتعد قصة غزو أراضي الإنكا من الفصول المظلمة في تاريخ
استعمار الأمريكيتين فقد غزاها بيزارو الإسباني وهو رجل قاسي القلب، لا هم له إلا
الحصول علي الذهب ولو أدي ذلك إلى تحطيم حضارة مزدهرة عاشت خمسة قرون من عمر
التاريخ كما حدث فعلاً، وعندما وصل هذا الرجل إلى كوزكو أسر حاكم الإنكا وأودعه السجن،
فعرض الحاكم أن يملأ غرفة سجنه بالذهب على أن يطلق سراحه، ووافق بيزارو على الفدية،
ولكنه قتل الحاكم بعد أن أستولي علي الذهب، ولم يف بوعده له.
وقد خرب المغيرون مدينة كوزكو كما خربها الحروب المستميتة
التي كان يقوم بها شعب الإنكا دفاعاً عن حريته وأرضه. وجاء الزلزال فأعاد إلى
الأذهان قصة التخريب الذي تسبب فيه هؤلاء الأسبان قبل أربعة قرون.
لتحميل الموضوع من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.